نسيم … في مواجهة مع النفس

كانت صامتة في زيارتها الأولى لمركز بلسم، اقتربت الأم من سمر مديرة الحالة هناك، وبدأت تهمس بهدوء في أذنها بصوت خافت لا يكاد يسمع، فكان من الطبيعي أن تشعر الطفلة بأنها محور الحديث وسرعان ما بدا عليها الارتباك والخجل، وأمسكت برداء أمها محاولة الاختباء به من نظرات وعيون سمر.

نسيم فتاة في الـ 14 عاماً من عمرها، تعيش مع أسرتها بريف إدلب الشمالي، تعاني نسيم من مشكلة سلوكية رافقتها منذ خمس سنوات، حيث تقوم بتقطيع شعر حواجبها ورموشها خاصة عندما تمر بضغوط نفسية أو تنمر الأصدقاء بسبب سمنتها، مما دفع الأم مؤخراً لأن تقوم بضربها وتعنيفها، الأمر الذي فاقم مشكلة ابنتها وبنفس الوقت جعل الأم في حيرة من أمرها، فاتجهت إلى مركز بلسم علها تجد حلاً لمشكلة صغيرتها.

وبدور سمر بدأت الحديث مع نسيم حتى تمكنت من بناء جسر من الثقة بينها وبين الصغيرة، وفعلاً بدأت نسيم تتكلم حول مشكلتها وتسرد كل ما يدور في خلدها حيث قالت: ” أشعر بالخجل من أهلي وأصدقائي الذين يعرفون بمشكلتي، ولكن أكثر ما يجعلني في قلق دائم هو خوفي على مستقبلي في حال استمرت معي تلك المشكلة”.

عملت سمر بداية على طمأنتها، ومن ثم وضعت مع الأم جدولاً لتعديل سلوكها الخاطئ وتعزيز السلوكيات الإيجابية، حيث أبدت نسيم بداية استجابة رائعة، ومع المتابعة تبين لدى سمر وفي الأسبوع الأول من وضع الجدول بأن عدد المرات التي تقوم فيه بتقطيع شعرها كبير، بمواقف هي عبارة عن أحداث حياتية مؤلمة تواجهها بطريقة خاطئة، ومن هنا بدأت سمر بجلسات إدارة الضغوط النفسية وتفريغها عن طريق ممارسة التنفس العميق وتعديل الانتباه لديها من خلال تركيز انتباهها على المظاهر الايجابية في حياتها مثل متابعة دراستها ووجود أصدقاء لها يبادلونها مشاعر الحب، كل ذلك تم مع المتابعة بجدول السلوك وهو عبارة عن جدول تعزيز وجدول تنفير، وذلك بوجود والدتها لمتابعتا في المنزل، حيث تقوم الصغيرة بمكافأة نفسها إذا لم تقم بتقطيع شعرها ومعاقبة نفسها إذا قطعت شعرها.

تقول سمر: ” مع المتابعة الجادة والمستمرة مع نسيم بدأنا بحصدنا لنتائج جيدة جداً، ففي الأسبوع الخامس وصلت نسيم لمرحلة جيدة من التحكم بانفعالاتها وسلوكها والحد من السلوك الخاطئ، هذا بالإضافة إلى أنه تم توجيه الصغيرة للحفاظ على صحتها البدنية من خلال المشاركة في الدورات الرياضية التي تقام بالمركز”.

وفي خطوة لمنحها مزيداً من الثقة بنفسها تم إحالة نسيم ودمجها بتدريب اللغة الإنكليزية المقام في المركز لتحسين تحصيلها الدراسي وزيادة ثقتها بنفسها، حيث كانت متحمسة لتكوين صداقات جديدة واكتساب معلومات لتحسين مستواها التعليمي ومنافسة صديقاتها.

وفعلا ففي نهاية تدريب اللغة الإنكليزية بدا واضحاً ما سعت إليه نسيم حيث بدت تمضي وقتها مع صديقاتها بالاستراحة، كما أكدت مدربة اللغة بأن نسيم بدت أكثر تركيزاً وانشغالاً بالدرس وابتعاداً عن سلوكها الخاطئ وزادت ثقتها بنفسها، فقد كانت دائماً ما تشارك وتتحدث بصوت قوي وتتفاعل بالأنشطة، بالإضافة إلى أن تعلمها للغة أكسبها مهارات جديدة تفتخر بها وتحبها وتسعى للمزيد بهدف متابعة تحصيلها العلمي.

 

قصص ذات صلة

سوريا
قصص مشاريع الصحة

هل ينجو علي الصغير؟

قرابة التاسعة مساء وبعد أن خلد الجميع للنوم تعالى الصراخ والأنين، هرع علي الأخ الأكبر مسرعاً باتجاه الصوت نحو غرفة أخويه الصغيرين، فتح الباب بسرعة

اقرأ المزيد
قصص مشاريع الحماية

أنور… القدم القفذاء

” اتصل بي موظف الاستقبال ليخبرني أن رجلاً مع طفله ينتظراني في غرفة الاستقبال، أسرعت من فوري بالنزول إليهم، وما أن دخلت الغرفة حتى التقت

اقرأ المزيد

اشترك بنشرتنا البريدية

وابق على اطلاع دائم بآخر الأخبار والقصص