في مخيم الساروت الواقع ضمن مخيمات أطمة بريف إدلب، يعيش الشاب محمد، البالغ من العمر 19 عامًا، الذي واجه منذ ولادته تحديات قاسية تركت أثرًا كبيرًا على حياته. وُلد محمد وهو يعاني من نقص حسي عصبي شديد، حيث كان غير قادر على السمع تمامًا في أذنه اليمنى، وضعيف السمع للغاية في أذنه اليسرى.

حياة صعبة في ظل النزوح
نزحت عائلة محمد قبل سبع سنوات من بلدتهم بسبب القصف المستمر، لتستقر في مخيمات أطمة. تعيش الأسرة، المكونة من ثمانية أفراد، في منزل صغير بالكاد يتسع لهم، يتألف من غرفتين فقط. معاناة محمد مع ضعف السمع لم تكن سوى البداية؛ فإعاقته جعلته عرضة للتنمر من أقرانه في المدرسة، مما أدى إلى عزله عن المجتمع وانقطاعه عن التعليم.
يتحدث والده بحزن عن هذه الفترة قائلاً:
“كان محمد يعاني من نظرات الشفقة والتنمر من زملائه، مما جعله يبتعد عن الجميع. حاولت كأب مساعدته، لكن ظروفنا المادية الصعبة حالت دون تأمين السماعات الطبية التي يحتاجها.”
الانعزال والمعاناة النفسية
مع مرور الوقت، دخل محمد في حالة نفسية متدهورة. بات يعيش في عزلة، خائفًا من مواجهة العالم الخارجي، وأصبح حلم العودة إلى المدرسة بعيد المنال بالنسبة له. يقول محمد:
“كنت أتمنى أن أسمع بشكل طبيعي، أن أعيش حياتي مثل باقي الشباب، وأن أعود إلى المدرسة.”

بارقة أمل: تدخل مركز أطمة المجتمعي
في أحد الأيام، تغيّرت حياة محمد بشكل غير متوقع عندما تعرفت عائلته على مركز أطمة المجتمعي التابع لمنظمة سوريا للإغاثة والتنمية. استقبل المركز محمد وقدّم له جلسات دعم نفسي مكثفة، إلى جانب برامج مشورة طوّرت من قدرته على مواجهة التحديات اليومية.
كما عمل المركز على تدريب عائلته لتوفير بيئة داعمة له، وتعليمهم استراتيجيات للتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة وتخفيف الضغوط عنهم.

خطوة نحو التغيير: تأمين سماعات طبية
بعد دراسة دقيقة لحالة محمد، قرر مدير الحالة وفريقه توفير سماعات طبية له، وهو ما كان يمثل حلمًا بعيد المنال بالنسبة له. يقول مدير الحالة عن هذه اللحظة:
“لا يوجد شعور أجمل من أن ترى إنسانًا يستعيد جزءًا من حياته بفضل ما قدمته له. عندما قدّمنا السماعات لمحمد، تغيّرت حياته بالكامل.”
بداية جديدة لمحمد
بفضل السماعات الطبية، أصبح محمد قادرًا على السمع بشكل أفضل، مما ساعده على استعادة ثقته بنفسه. عاد إلى المدرسة وبدأ يندمج مع أصدقائه ومعلميه، ليصبح أكثر تفاؤلًا واستقرارًا. يقول محمد بفرح:
“الحمد لله، صرت أقدر أسمع وأتواصل مع الناس. شعرت بتغيير كبير في حياتي، وكل الشكر لمركز أطمة المجتمعي ودعمهم لي.”

رسالة شكر وأمل
محمد لم يكتفِ بالعودة إلى حياته الطبيعية، بل أصبح ينظر إلى المستقبل بأمل. وفي ختام قصته، وجه رسالة شكر عميقة لمنظمة سوريا للإغاثة والتنمية ومركز أطمة المجتمعي قائلاً:
“أنتم لم تساعدوني فقط في السمع، بل أعطيتموني حياة جديدة وأملًا بمستقبل أفضل. شكرًا لكم.”